هل يكفي

 ‏#هل_يكفي_أن_تكون_متعلم ؟ 

في يوميات كاتب يقول دوستويفسكي : إن الإنسان المتعلم ليس دائماً إنساناً شريفاً، كما أن العلم غير كاف لضمان اتصاف الإنسان بكرم الأخلاق.

والفيلسوف تـولـسـتـوي  يتفق معه تماماً في هذا حيث 

يقول تولستوي : ذات يوم كنت أقرأ خطابات أحد كبار مثقفي الأربعينات والذي يُدعى نيكولا بلاتونوفڤيش فيلسوف، ومؤرخ، وشاعر روسي . كان قد كتب خطاب لصديقه ألكسندر إيڤانوڤتش وهو كاتباً ومفكراً روسياً  الخطاب يتحدث عن سعي الإنسان صوب الكمال، والصداقة المقدسة، والحب وخدمة العلم، والإنسانية وما إلى ذلك . 

لكن في نفس الوقت يكتب عن عودته إلى المنزل سكيراً، وقضاء وقت طويل مع مخلوقات ساقطة، على حد تعبيره ! والتي يعتبرها ممارسات لطيفة لا تتعارض مع ما يطرحه . فـيقول تولستوي هنالك تعارض بين ما يطرحه هذا الإنسان الموهوب المثقف وبين أفعاله  ويستغرب منه كيف لا يجد تعارض بين كونه إنساناً متزوجاً توشك زوجته على الأنجاب وله أطفال وبين عودته للمنزل سكيرا  وخيانته لزوجته المستمرة  !  

بعدها يتسائل تولستوي  : ألم يتبادر الى ذهن ذلك الشخص  أنه طالما لم يبدأ الحرب على ضعفه مع إدمان الخمر والفسق فمن المستحيل أن يفكر الكمال والصداقة وخدمة أي شخص  وكيف يعتبر هذه الممارسات لطيفة لدرجة أنه لا يُخفيها في كتاباته ! 

بعدها يضيف تولستوي :

حدث هذا منذ خمسين عام. كنت مصاحبا لهؤلاء الناس عرفتُ أجاريوف وجرتسين، وآخرين على هؤلاء الشاكلة، ممن نشأوا على هذه التقاليد. لاحظت في حياتهم جميعا غيابا مذهلا للاتساق في أفعالهم. بداخلهم رغبة شديدة الإخلاص والقوة للخير، وفسق كامل في شهواتهم الشخصية، والتي بدت لهم غير معوقة إطلاقا للعيش بصلاح واكتساب الفضائل أو حتى الأعمال العظيمة. 

لقد وضعوا أرغفة لم يعجنوها في فرن بارد، وصدقوا أنهم سيحصلون على الخبز. وعندما لاحظوا بعدها بمدة طويلة أن ما من خبز قد حصلوا عليه، أي ما من خير أو فضيلة قد نتجت عن حياتهم، رأوا ما حدث على أنه تراجيديا مريعة .